طائرالحب- عضو مميز
- أعلام الدول :
عدد المساهمات : 117
نقاط : 215
السمعة : 1
تاريخ التسجيل : 16/05/2009
من طرف طائرالحب السبت مايو 23, 2009 12:32 am
الحــــــديث الـتـــاســع
[center]
عن أبي هريرة عبدالرحمن بن صخر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله يقول:
{ [size=16]ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم
كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم }.
[رواه البخاري:7288، ومسلم:1337].
سبب ورود هذا الحديث
ما رواه مسلم في صحيحة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : " أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجّوا ".
فقال رجل : أَكُلَّ عام يا رسول الله ؟. فسكت،
حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لو قلتُ نعم لوجبت، ولما استطعتم ".
ثم قال: " ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم،
فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ".
وورد أن السائل هو الأقرع بن حابس رضي الله عنه.
شـــرح الحــديث
{ ما } في قوله: { ما نهيتكم } وفي قوله: { ما أمرتكم } شرطية يعني الشيء الذي أنهاكم عنه
اجتنبوه كله ولا تفعلوا منه شيئاً، لأن الاجتناب أسهل من الفعل كل يدركه،
وأما المأمور فقال: { وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم } لأن المأمور فعل وقد يشق على
الإنسان، ولذلك قيده النبي بقوله: { فأتوا منه ما استطعتم }.
{ فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم }
المقصود بـ قبلكم .. اي الامم السابقة
وكانت اليهود أشد في كثرة المسألة
ولذلك لما قال لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو موسى :
{ إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ماذا صار ؟
جعلوا يسألون : { ما هي } ، { ما لونها } ، ما عملها ؟!!!
و قوله : ( وكثرة مسائلهم ) : جمع مسألة ، وهي : ما يُسأل عنه.
لقد بين الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أن من أسباب هلاك الأمم
وتلاشي قوتها واستحقاقها عذاب الاستئصال - أحياناً - امرين اثنين هما :
1-كثرة السؤال والتكلف فيه..
2-والاختلاف في الامور وعدم الالتزام بشرع الله .
لقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه عامة أن يكثروا عليه من الأسئلة،
خشية أن يكون ذلك سبباً في إثقالهم بالتكاليف، وسداً لباب التنَطُّع والتكلف والاشتغال بما لا
يعني، والسؤال عما لا نفع فيه إن لم تكن مضرة،
إن السؤال على أنواع: مطلوب ومنهيٌّ عنه
أ- أما المطلوب شرعاً، فهو على درجات:
فرض عين على كل مسلم : بمعنى أنه لا يجوز لمسلم تركه والسكوت عنه،
وهو السؤال عما يجهله من أمور الدين وأحكام الشرع، مما يجب عليه فعله ويطالَب بأدائه،
كأحكام الطهارة والصلاة إذا بلغ، وأحكام الصوم إذا أدرك رمضان وكان صحيحاً
مقيماً،ونحو ذلك مما يسأل عنه المكلف، وفي هذا يقول الله تعالى:
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
وعليه حمل ما رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، من قوله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
فرض كفاية : بمعنى أنه لا يجب على كل مسلم، بل يكفي أن يقوم به بعضهم، وهو السؤال
للتوسع في الفقه بالدين، ومعرفة أحكام الشرع وما يتعلق بها، لا للعمل وحده، بل ليكون هناك
حَفَظَة لدين الله عز وجل، يقومون بالفتوى والقضاء، ويحملون لواء الدعوة إلى الله تعالى.
وفي هذا يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا
كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ
لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122].
مندوب: معنى أنه يستحب للمسلم أن يسأل عنه،
وذلك مثل السؤال عن أعمال البِرِّ والقربات الزائدة عن الفرائض.
ب- سؤال منهي عنه، وهو على درجات أيضاً:
حرام: أي يأثم المكلف به، ومن ذلك:
- السؤال عما أخفاه الله تعالى عن عباده ولم يُطلعهم عليه، كالسؤال عن وقت قيام الساعة،
وعن سر القضاء والقدر، ونحو ذلك.
- السؤال على وجه العبث والتعنت والاستهزاء.
- سؤال المعجزات، وطلب خوارق العادات عناداً وتعنتاً، أو إزعاجاً وإرباكاً،
كما كان يفعل المشركون وأهل الكتاب.
- السؤال عما سكت عنه الشرع من الحلال والحرام، ولم يبين فيه طلباً أو نهياً،
فإن السؤال عنه ربما كان سبباً للتكليف به مع التشديد فيه،
فيترتب على ذلك وقوع المسلمين في حرج ومشقة، كان السائل سبباً فيها،
وهذا في زمن نزول الوحي.
والذي يتعين على المسلم أن يهتم به ويعتني هو:
أن يبحث عما جاء عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم يجتهد في فهم ذلك والوقوف
على معانيه، فإن كان من الأمور العلمية صدق به واعتقده، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه
في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر واجتناب ما ينهى عنه،
فمن فعل ذلك حصل السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة
:: فائدة ::
من قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم...)
قال ابن وهب: سمعت مالكاً يكره الجواب في كثرة المسائل..
وقال: قال الله عز وجل:
(( ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ))
فلم يأته في ذلك جواب.
وكان مالك يكره المجادلة عن السنن أيضاً..
قال الهيثم بن جميل: قلت لمالك: يا أبا عبدالله الرجل يكون عالماً بالسنن يجادل عنها؟
قال لا ولكن يخبر بالسنة،فإن قبلت من وإلا سكت
قال إسحاق بن عيسى : كان مالك يقول:
المراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب الرجل.
وقال ابن وهب:سمعت مالكً يقول:
المراء والجدال في العلم يقسي القلب ويورث الضغن..
[/size] [/center]